أحاديث رمضان 1429هـ - خطاب الله جل جلاله للمؤمنين - الدرس (04- 31) : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2008-09-08
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
توهم المسلمين أن الجنة لهم وحدهم:
أيها الأخوة الكرام، مع درس جديد من دروس يا أيها الذين آمنوا آية اليوم:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ(208) ﴾
(سورة البقرة )
الآيات التي تتحدث عن السلم والسلام تقترب من مئة وسبعين آية، من هذه الآيات:
﴿ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(111) ﴾
(سورة البقرة )
ويتوهم المسلمون وهم على تقصير في أداء العبادات، وتقصير في طاعة النبي عليه الصلاة والسلام يتوهمون أن الجنة لهم وحدهم.
الجنة لمن انصاع لأمر الله و استسلم له:
الرد الإلهي على كل من يدّعي أنه سيدخل الجنة دون أن يدفع ثمنها:
﴿ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(111) ﴾
(سورة البقرة )
من هو الذي يدخل الجنة ؟
﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ (112) ﴾
(سورة البقرة )
خضع لله، استسلم لله، انصاع لأمر الله، من أدق تعريف العبادة أنها: غاية الحب، وغاية الخضوع لله عز وجل، فالخضوع لله في كل ما أمر، وفي ترك كل ما نهى هو حقيقة الإسلام، بَلَى مَنْ أَسْلَمَ الأولون دعوة:
كل يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا
***
أما الذي يستحق الجنة
﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ ﴾
يعني طبق منهج الله.
الانتماء الشكلي للأديان انتماء فارغ لا قيمة له:
الآن عمله فيه إحسان:
﴿ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ(112) ﴾
(سورة البقرة )
آية تشبه هذه الآية أنا أراها مهمة جداً دققوا:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ(62) ﴾
(سورة البقرة )
الذين آمنوا يعني المسلمون، الذين هادوا اليهود، والنصارى، والصابئين، بأدق المعاني من لا دين له، المصطلح هذا العلمانيون الذين لا ينتمون إلى دين إطلاقاً، هناك معنى دقيق بهذه الآية ضمني، يعني الانتماء الشكلي لهذه الأديان دون أن يكون في العلم ما يؤكد هذا الانتماء هذا انتماء فارغ ولا قيمة له، وهؤلاء الأربع سيان، والآن الأرض تعج بالحروب لا يوجد انتماء هناك فقط تعصب، هذا التعصب من دون انتماء أو انتماء شكلي من دون تطبيق هذا التعصب سبب ما تعانيه البشرية:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ (62) ﴾
(سورة البقرة )
سواء انتماء شكلي ليس هناك تطبيق، ليس هناك التزام، ليس هناك خضوع، ليس هناك استسلام، دينهم دين الشهوات لا عبادة رب الأرض والسماوات.
من آمن بالله إيماناً يحمله على طاعته نجا من عذاب الله يوم القيامة:
دقق الآن:
﴿ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ (62) ﴾
(سورة البقرة )
يعني من آمن بالله إيماناً يحمله على طاعته:
﴿ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ (62) ﴾
(سورة البقرة )
وآمن باليوم الآخر إيماناً يمنعه أن يؤذي مخلوقاً:
﴿ وَعَمِلَ صَالِحًا (62) ﴾
(سورة البقرة )
أدى واجباته بالتمام والكمال، إذا كان طبيباً نصح المرضى، إن كان محامياً نصح الموكلين، إن كان موظفاً سهّل مصالح المواطنين، إذا كان تاجراً باع بضاعة جيدة بسعر معتدل بمعاملة طيبة:
﴿ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ(62) ﴾
(سورة البقرة )
هؤلاء الذين ينجون يوم القيامة.
الانتماء الشكلي إلى الدين لا يقدم ولا يؤخر ولا وزن له عند الله عز وجل:
آية ثانية:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ(62) ﴾
(سورة البقرة )
معنى ذلك أن حقيقة الدين ليس أن تقول أنا مسلم، ليس أن تضع لوحة في البيت فيها آية الكرسي فقط، البيت كله معاصي وآثام، ليس أن تضع مصحفاً على السيارة والعيون تبحلق في محاسن النساء، ليس أن تفتح محلاً تجارياً وتكتب إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً والبضاعة كلها محرمة والبيع فيه شبهات وفيه مخالفات، المشكلة هذا الانتماء الشكلي إلى الدين لا يقدم ولا يؤخر، ولا وزن له، ولا قيمة له، والمسلمون يعدون مليار وخمسمئة مليون وليس كلمتهم هي العليا وليس أمرهم بيدهم وللطرف الآخر عليهم ألف سبيل وسبيل.
لن نقطف ثمار هذا الدين إلا إذا طُبق من قبل جميع الناس:
أيها الأخوة:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً (208) ﴾
(سورة البقرة )
اخضعوا، أما كلمة كافة، أنت مثلاً لو ذهبت إلى العمرة ورأيت النساء في مكة والمدينة محجبات تلمس بيدك عظمة الحجاب، أما تتحجب إنسانة بين مئة إنسانة سافرة أنت طبقت الحجاب، أهلك محجبات وأنت تغض البصر عن محاسن النساء جيد جداً لكن ثمرة هذا الأمر لم نحصل عليها، لأن الأمر غير مطبق بشكل جماعي انظر الآية:
﴿ ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾
، لتوضح الفكرة أنت معك هاتف محمول ولك خمسون صديقاً ما معهم هذا الهاتف لا قيمة لهاتفك، لو كل من حولك معه هذا الهاتف تشعر بقيمة هذا الهاتف، فأحياناً يطبق المنهج فئة قليلة الأكثرية غير مطبقة، لذلك لا نقطف ثمار الدين، كل شخص ذهب إلى العمرة هناك الحجاب إلزامي يشعر أنه يعيش بصفاء يمضي عشرين يوماً لا يحس بأي خاطر نسائي، لأن النساء محجبات، إذاً قد لا نقطف ثمار هذا الدين إلا إذا طبقناه جميعاً، لو طبق الدين من قبل جميع الناس تحس براحة نفسية، تعيش بين أناس منصفين صادقين لا يأكلون المال الحرام:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً (208) ﴾
(سورة البقرة )
منهج الله عز وجل منهج يصلح لكل عصر و زمانوالحمد لله رب العالمين
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire